إسماعيل عليه السلام
 
 

إسماعيلُ: اسم علم أعجمي، ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.

وبما أنه ليس عربياً مشتقاً، فلا نبحث له عن معنى في اللغة العربية، مثل أسماء: إبراهيم وإسحاق وإسرائيل عليهم السلام.

ومَنْ ذهب إلى أنه عربي مشتق فلا اعتبار لقوله لأنه لو كان كذلك لكان مصروفاً، يُنَوَّنُ ويُجَرُّ بالكسرة.

قال الفيروز آبادي في (البصائر): «إسماعيل: اسم أعجمي كسائر الأسماء الأعجمية، وهو أول مَنْ سُمِّيَ بهذا الاسم من بني آدم... وتكلَّفَ بعضُ الناس وجعلَ له اشتقاقاً من (سَمِعَ)، وتركيباً منه ومن (إِيل)، وهو اسم الله عز وجل.. فإنْ كان وزنه (إِفْعالِيل) فمعناه: أَسمعَهُ اللهُ أَمْرَه فقام به. وإنْ كان وزنه (فَعاليل) – لأنَّ أصله سَماعيل- فمعناه: سمعَ من اللهِ قولَه فأَطاعَه... ».

ولسنا مع هذا التفسير الاشتقاقيِّ الصرفيِّ لكلمةٍ هي أعجمية، والأصل أنْ لا نبحث له عن معنى في العربية.

وقد ورد (إِسماعيلُ) اثنتي عشرةَ مرةً في القرآن، مرةً واحدةً في كلٍّ من سور: آل عمران والنساء والأنعام وإبراهيم ومريم والأنبياء وص، وخمسَ مراتٍ في سورة البقرة.

وقد يكون مرفوعاً بالضمة، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البقرة: 127].

وقد يكون منصوباً بالفتحة، كما في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ [مريم: 54].

وقد يكون مجروراً بالفتحة بدلَ الكسرة لأنه ممنوع من الصرف؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ﴾ [النساء: 163].

وإسماعيلُ عليه السلام هو المولود البكر لإبراهيم عليه السلام، وقد رزقه اللهُ له على كبر، لأنَّ امرأتَه سارة لا تنجب، ولما عاد من رحلةٍ مثيرةٍ إلى مصر، وهبتْ له سارة أَمَتَها هاجر لتكون أَمَةً له، ولما تسَرّى بها وعاشرها أنجبت له ابنه البكر إسماعيل.

وقد أمره اللهُ أَنْ يأخذ أَمَتَهُ وابنه إلى وادٍ غير ذي زرع في بلاد الحجاز، وهناك أنبع اللهُ لهما ماء زمزم، وتمَّ إنشاءُ مكة، وفي شباب إسماعيل شارك أباه إبراهيمَ عليهما السلام في بناء الكعبة وبيت اللهِ الحرامِ حولها، وبعد إتمامِ البناء أذَّنَ إبراهيمُ عليه السلام في الناس بالحج، فلَبّوا النداءَ وحَجّوا إلى بيت اللهِ الحرام.

وهو الذبيح الذي أُرِيَ إبراهيمُ عليه السلام في المنام أنّه يذبحه، ولما أَراد تنفيذ الرؤيا فداه الله بذبحٍ عظيم.وكان هذا قبل ولادة أخيه إسحاق.

وأثنى الله عليه، وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا54/وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾ [مريم: 54-55].

كان رسولاً نبياً عليه الصلاة والسلام، وكان صادق الوعد، ينفذ كلَّ وعدٍ يقطعهُ على نفسه مع الله ومع الناس، وكان يدعو إلى الله، ويأمر أهله بإقامةِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاة، وكان مرضيّاً عند الله، يحبُّه ويرضى عنه.

وقد عاش إسماعيل في مكة، حيث جاء العرب إليها بعدما أنبع الله ماء زمزم، فنشأ إسماعيل بينهم وتكلَّم العربية مثلهم، وتزوَّجَ عربيةً منهم، وأنجب أولاداً يتكلّمون العربية.

وبعثه الله رسولاً إلى أهل مكة ومَنْ حولَها، فاستجابوا له واتَّبعوهُ ودخلوا في دينه، وكانت الكعبة رمزاً يَحجُّون إليها، ويعبدون اللهَ عندها، مؤمنين به موحِّدين له.

وكان إسماعيل عليه السلام رامياً ماهراً، يُحسنُ الرماية والصيد، وشهد له بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد روى البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومٍ من أَسْلَمَ يَنْتَضِلون بالسوق.

فقال عليه الصلاة والسلام: «ارموا بني إسماعيل فإِنَّ أَباكم كان رامياً، وأنا مع بني فلان...».

واصطفى اللهُ إسماعيلَ من ولدِ إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، واصطفى من نسْلِه سيد الخلق محمداً صلى الله عليه وسلم.

روى مسلم عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله عزَّ وجلّ اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريشٍ بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم...».

***

* أهم المصادر والمراجع:

- الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.

- الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.

- حجة القراءات: ابن زنجلة.

- معجم لسان العرب: ابن منظور.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم