المجوس
 
 

وردت (المجوس) مرةً واحدةً في القرآن، مقرونةً باليهود والنصارى والصابئين والمؤمنين والذين أشركوا. وذلك في قوله تعالى: (إنَّ الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة)[الحج:17].

(الذين أمنوا): هم المؤمنون أتباع محمد صلى الله عليه وسلم. و(والذين هادوا): هم اليهود. (والصابئين): الراجح أنّهم الأحناف العرب في العصر الجاهلي، الذين وحَّدوا الله، ولم يُشركوا به أحداً. و(والمجوس): هم عبدةُ النار من الفرس وغيرهم. و(والذين أشركوا): هم العرب المشركون.

والراجحُ أنَّ (المجوس) اسمُ علمٍ أعجمي، أُطلق على الفرس الذين يعبدون النار.والأصل أنْ يكون ممنوعاً من الصَّرف للعلمية والعجمية، لكنّه يُصرفُ عند دخول (أل التعريف) عليه.

وقد عدَّ الجواليقي (مجوس) من الأسماء الأعجمية المعرَّبة.

وقال أحمد شاكر في تعليقه على (المعرَّب):«وهو علمٌ أعجمي، استُعمل استعمال اسم الجنس. وفي القاموس: مَجوس: كَصَبور. رجلٌ صغيرُ الأذُنَيْن، وضع ديناً ودعا إليه. وهو مُعرَّبُ (مِنْج كُوش)... و(مِنْج) فارسيةٌ بمعنى الذُّباب والزبزر».

ومما ورد في (لسان العرب) عن المجوس:«المجوسيةُ نِحْلَة، والمجوسيُّ منسوبٌ إليها، والجمعُ ( المجوس).

قال أبو النحوي: المجوسُ واليهودُ إنما عُرِف على حَدَّ: يهوديٌّ ويهود، ومجوسيٌّ ومجوس. ولولا ذلك لم يَجُزْ دخول الألف واللام عليهما لأنهما معرفتان مؤنثان، فجَرَيا في كلامهم مجرى القبيلتين، ولم يُجْعلا كالحيّيْن في باب الصَّرف. قال الشاعر:

أَحَارِ أُريك بَرْقاً هَبَّ وهْناكنارِ مجوسَ تستعرُ استعارا»

والشاهد في بيت الشعر مَنْعَ (مجوس) من الصرف: (كنار مجوس)، فهي مضافٌ إليه مجرورٌ بالفتحة، ممنوعاً من الصرف للعلمية والعجمية، بينما (المجوس) في القرآن مصروفةٌ لأنها مُعَرَّفةٌ بـ(أل التعريف).

والمجوس هم الفرس الذين يعبدون النار، وهم يؤمنون أنَّ للعالم إلهين: إله الخير والنور: (أَهْرومَزْدا)، وإله الشرَّ والنار: (أّهْريمان)، وبين أَهْرومزدا وأهْريمان حروبٌ وصراع، وهذان الإلهان يحكمان العالم. والنور رمزٌ لإله الخير، والنارُ رمز لإله الشر، وهم يعبدون النار التي ترمز له.

والمجوس كفار كباقي ملل الكفر، لأنهم لم يدخلوا في الإسلام وهم مشركون لإيمانهم بالإلهين.

والعجيبُ أنْ يزعم بعض أهل اللغة أنَّ (مجوس) أصلها عربيٌّ، مشتقٌّ من النجس، وسمُّوا بذلك لقيام دينهم على النجاسات.

قال السمينُ الحلبيُّ مُلخَّصاً الكلام عن المجوس:«المجوس: جيلٌ معروف وهم قومٌ يعبدون النار. وقال آخرون: يعبدون الشمس والقمر. وقال آخرون: هم قومٌ من النصارى إلا أنَّهم اعتزلوا ولبسوا المُسوح. وقيل: أخذوا من دين النصارى شيئاً، ومن دين اليهود شيئاً. وقيل: هم قومٌ يقولون بأنَّ العالم أصلان: نورٌ وظلمة. وقيل: قومٌ يتعبَّدون باستعمال النجاسات والأصل (نُجوس) فأُبدلت النون ميماً...».

والراجح أنَّ (المجوس) علمٌ أعجمي، أُطلق على الفرس عبدةِ النار، وهو مصروفٌ لدخولِ (أل التعريف) عليه.

* * *

* أهم المصادر والمراجع:

- الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.

- الدر المصون في علوم الكتاب المكنون: السمين الحلبي.

- بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز: الفيروزآبادي.

- المعرب: الجواليقي.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم