جبريل عليه السلام
 
 

جبريل: اسم علمٍ أعجمي ممنوعٌ من الصرف.

وقد ورد ثلاث مرات في القرآن:

1- قال تعالى: ﴿قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ﴾ [البقرة: 97].

(جبريل) في الآية مجرورٌ بحرف الجر وعلامة جرِّه الفتحة.

2- قال تعالى: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 98].

3- قال تعالى: ﴿إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: 4].

(جبريل)) في الآية مرفوع لأنَّه معطوفٌ على خبر (إنَّ) (مولاه).

وجبريل اسم كريم، سُمي به الملكُ الموكَّل بالوحي، الذي يأمره الله بإنزال وحيه وكلامه على رسله فهو أمينُ الوحي عند الله ، وهو السفيرُ إلى رسله عليهم الصلاة والسلام.

واختلف المفسّرون واللغويون فيه، فذهب المحقِّقون منهم إلى أنه اسمٌ أعجمي وليس عربياً مشتقاً. وذهب آخرون إلى أنه اسمٌ عربيٌّ مشتق، وأنَّ جذره الثلاثي (جبر).

والراجح أنّه أعجميٌّ وليس عربياً مشتقاً  فلا نبحث له عن معنى في العربية.

قل أبو حيان الندلسي في (البحر المحيط): «جبريل: اسم ملك، علمٌ له، وهو الذي نزل بالقرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهو اسمٌ أعجميٌّ ممنوعٌ من الصرف للعلَميةِ والعُجمة. وأبعد من ذهب إلى أنّه مشتقٌّ من جبروت الله. ومن ذهب إلى أنه مركَّبٌ تركيبَ الإضافة، ومعنى (جبر): عَبْد، و(إيل): اسمٌ من أسماء الله.. لأنَّ الأعجميَّ لا يدخله الاشتقاق العربي، ولأنه لو كان مرَّكباً تركيبَ الإضافة لكان مصروفاً..

وقد تصرَّفتْ فيه العرب على عادتها في تغيير الأسماء الأعجمية، وحتى بلغت فيه ثلاث عشرة لغة...»

وفي (جبريل) ثلاث قراءات:

الأولى: قراءة نافع، وابن عامر، وأبي عمرو، وأبي جعفر، ويعقوب، وحفص عن عاصم: «جِبْرِيل»، بكسر الجيم والراء على وزن (قِطْمير).

وهذه لغةٌ في (جبريل). وشاهدُها قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

وَجِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فيناوَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفاءُ

الثانية: قراءة ابن كثير المكي: «جَبْريل» بفتح الجيم وكسر الراء. وهي لغةٌ أُخرى في الكلمة على وزن: (صَمْوِيل).

الثالثة: قراءة حمزة والكسائي وشعبة عن عاصم: «جَبْرَئِيل» بفتح الجيم والراء. وهي لغةٌ ثالثةٌ في الكلمة، وشاهدُها قول كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه:

شَهِدْنا فَما تَلْقَى لَنا مِنْ كَتيبَةمَدَى الدَّهْرِ إلاَّ جَبْرَئيل أَمامها

وهذه القراءاتُ الثلاث متوافقةٌ مع اللغات الثلاث في النطق بالكلمة، وتؤكد كون الكلمة أعجمية، تصرفَّت العرب في النطق بها، كما قال أبو حيان الأندلسي.

و(جِبْريل) عليه السلام أفضل الملائكةِ وإمامهم، وموصوفٌ في القرآن بصفات، منها: روح القدس، والروح الأمين، والروح.

وهو أمين وحي الله على رسله جميعاً وهو الذي حمل القرآن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ192/26نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ193/26عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾ [ الشعراء: 192 – 194].

وزعم اليهود أنَّ بينهم وبين جبريل عداوةً، لأنَّه كان ينزل عليهم بالعذاب والإهلاك، كما زعموا أنَّ (ميكائيل) يحبُّهم، وورد هذا الزعم عندما قابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وأقام عليهم الحجّة فقالوا له: أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة بالوحي؟.

قال لهم: يأتيني جبريل!.

فقالوا له: هذا عدوُّنا من الملائكة، لأنَّه ينزل علينا بالعذاب، ولو كان الذي يأتيك بالوحي ميكائيل لآمنَّا بك واتّبعناك!.

فأنزل الله في تكذيبهم قوله تعالى: ﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ 97/2مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 97- 98].

والموضع الثالث لذكر جبريل عليه السلام في سياق تهديد اثنتين من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، هما عائشة وحفصة رضي الله عنهما، عندما أخطأتا أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حادثةٍ روتها كتب التفسير والحديث والسيرة، فأنزل الله قوله تعالى: ﴿ إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [التحريم: 4].

وكان جبريل عليه السلام ياتي إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم أحياناً في صورة رجلٍ غريبٍ غير معروف، وأحياناً في صورة أجمل الصحابة (دِحْيَة بن خليفةَ الكلبيِّ رضي الله عنه).

وهو الذي قاد الملائكة الذين أتوا مدداً للمسلمين في معركة بدر.

* * *

* المصدر:

- الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم