عمران
 
 

عمران: اسم علمٍ أعجميّ ممنوعٌ من الصرف للعلمية والعجمة.

وذهب بعضهم إلى أنَّ (عمران) عربيٌّ مشتقٌّ من (عَمْر)، والألف والنون فيه مزيدتان، فهو ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.

وهذا القول مردود، لأنَّ (عمران) مذكورٌ في قصة مريم رضي الله عنها، وهو والدها وهي ليست عربية ووالدها ليس عربياً!.

و(عمران) مذكورٌ في القرآن ثلاث مرات:

الأولى: في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33].

الثانية: في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي﴾ [آل عمران:35].

الثالثة: في قوله تعالى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا﴾ [التحريم: 12].

واللافتُ أنَّ (عمرانَ) في المواضع الثلاثة لا يُرادُ لذاته، ولذلك أُضيفت إليه في كلِّ مرّةٍ غيره. فالمرادُ في الآية الأولى (آلُ عمران) وليس عمرانَ نفسه، والمراد في الآية الثانية (امرأة عمران)، والمراد في الآية الثالثة (مريم ابنةُ عمران).

و(عمران) في المواضع الثلاثة شخصٌ واحد، له آل صالحون اصطفاهم الله، وله امرأةٌ مؤمنةٌ صالحة، وله ابنةٌ عذراء بتول عفيفةٌ صالحة.

و(عمرانَ) في المواضع الثلاثة مضافٌ إليه مجرورٌ بالفتحة بدل الكسرة، لأنّه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة، لأنه اسم علمٍ أعجمي كما ذكرنا.

والمذكوران في مصادرنا الإسلامية عمرانان:

الأول: عمرانُ والدُ موسى عليه السلام وهذا لم يُذكر في القرآن وإنّما ذُكر في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم: عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مررتُ ليلةَ اُسري بي على موسى بن عمران عليه السلام».

الثاني: عمرانُ والدُ مريم رضي الله عنها وعن أبيها.

وأخبر الله أنّه اصطفى ألَ عمران على العالمين كما اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم قبلهم، وآدم ونوحٌ نبيّان معروفان عليهما الصلاة والسلام.

وآلُ إبراهيم هم الأنبياء من ذريّته، وهم قسمان: الأنبياءُ من الفرع الإسماعيلي، وهما إسماعيل وخاتم النبيّين محمدٌ صلى الله عليه وسلم، والأنبياء من الفرع الإسرائيلي، وهم أنبياء بني إسرائيل من يعقوب إلى عيسى عليهم الصلاة والسلام.

و(آلُ عمرانَ) هم الأنبياء من آل عمران. ولفضلهم سُمّيت السورة الثالثة بهم (سورة آل عمران)، حيث لم تَردْ هذه الكلمة في غير هذه السورة.

منْ هم (آلُ عمران) المذكورون في السورة؟ هل هم آلُ عمران والد موسى عليه السلام، أم هم ألُ عمران والد مريم رضي الله عنها؟.

ذكر الزمخشريُّ القولين، فقال: «آلُ عمران: موسى وهارون ابنا عمران.

وقيل: عيسى ومريم ابنة عمران.. وبين العمرانين ألفٌ وثمانمئة سنة».

ورجَّح الزمخشريُّ القول الثاني، فآلُ عمران هم ذريةُ عمرانَ والدُ مريم، بدليل أنَّ الله قال بعد ذلك: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ...﴾.

والدليل عنده على أنّه عمرانُ والدُ مريم: أنَّ الآيات ذكرتْ كفالة زكريا لمريم، وهي ابنةُ عمران وزكريا لم يكنْ في عهد موسى عليهما السلام، وإنما كفل مريم أُمَّ عيسى عليه السلام.

إذن (آلُ عمرانُ) المذكورون في سورة آلِ عمرانَ هم:

1- امرأةُ عمران المؤمنةُ الصالحة، التي قال الله عنها: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾ [آل عمران: 35].

2- ابنة عمرانَ العفيفةُ البتولُ مريم رضي الله عنها التي قال الله عنها: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا﴾ [التحريم: 12].

3- ابنُ عمران: وهو شقيقٌ لمريمَ اسمه هارونُ. وأشار له قوم مريم عندما أتتهم تحمل ابنها عيسى عليه السلام، وذكر ذلك قوله تعالى: ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾ [مريم: 28].

4- أختُ مريم وهي ابنةٌ أُخرى لعمران تزوَّجها النبيُّ زكريا عليه السلام، ولذلك كفل مريم الصغيرة، فعاشت عند أُختها الكبرى، وكأنها عاشت عند أُمها، والدليل على أنَّ زوج زكريا أُختٌ لمريم، أنَّ ابنيْهما وعيسى عليهما السلام أولاد الخالة، كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

5- حفيدُ عمران من ابنته الكبرى وهو يحيى بن زكريا عليهما السلام.

6- حفيدُ عمران من ابنته الصغرى مريم وهو عيسى عليه السلام.

ومن المعلوم أنَّ حفيديْه يحيى وعيسى لم يتزوَّجا، وليس لهما ذريّة.

هذا هو (عمران) الاسمُ الأعجميُّ المذكورُ في القرآن، وهؤلاء هم (آلُ عمران).

* * *

* المصدر:

- الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم