الروم
 
 

الرّومُ: اسم علمٍ أعجمي، أُطلق على السورة الثلاثين وفق ترتيب المصحف. وسُميت بهذا الاسم لوروده في مطلعها. قال تعالى: ﴿الم1/30غُلِبَتِ الرُّومُ2/30فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ3/30فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ [الروم:1-4].

و(الرومُ) في الآية نائب فاعل مرفوع، وهو مصروفٌ مع أنّه علمٌ أعجمي، لأنه معرَّفٌ بـ(أل التعريف).

وقد عدَّهُ الجواليقيُّ في المعرَّب، قال: «والرومُ: هذا الجيلُ من الناس، أعجمي، وقد تكلمتْ به العربُ قديماً، ونطقَ به القرآن».

قال عنه السمينُ الحلبيُّ في (عمدة الحفاظ): «الروم: اسمُ جنس، وتفرِّقُ بينه وبين صاحبه ياءُ النسبة، فيُقالُ للواحد: رومي. وهذا خارجٌ عن القياس، فإنَّ الفارق بين الواحد والجمعِ في أسماء الأجناس إنما هو تاء التأنيث. قال الراغب: الرومُ تارةً تُقالُ للجيل المعروف، وتارةً لجمع رومي كالعجم، فجعله مشتركاً بين المعنيين».

ويُذكرُ (الرومُ) في التاريخ في مقابل (الفرس)، بينما يُذكرُ (الرومان) في مقابل (اليونان)، فالرومانُ هم الذين ورثوا اليونانَ في القوة والسلطان والنفوذ، والرومُ هم الذين حاربوا الفرس، وقضى الإسلام على دولتيهما.

وأشارَ الشيخُ محمد الطاهر بن عاشور إلى نشأة الرومان والروم والفرق بينهما، قال: «الروم: اسمٌ غلبَ في كلام العرب على أُمةٍ مختلطةٍ من اليونان والصقالبة، ومن الرومانيين الذين صلهم من اللاتينيين، سكان بلاد إيطالية،نزحوا منها إلى أطراف شرق أوربة.

تموَّنتْ هذه الأمة المسماة الروم من هذا المزيج، فجاءتْ منها مملكةٌ تحتلُّ قطعةً من أوربة وقطعةً من آسية الصغرى، وهي بلاد الأناضول، وقد أطلق العرب على مجموع هذه الأمة اسم الروم، تفرقةً بينهم وبين الرومان اللاتينيين، وسُميَ الرومُ أيضاً (بني الأصفر)..

وسبب اتصال الأمة الرومانية بالأمة اليونانية وتكوُّنِ أمة الروم من الخليطين، هو أنّ اليونانَ كانوا يستولون على (صقلية) وبعض بلاد إيطالية، وكانوا في حروب سجال مع الرومان.. وقد توسَّعَتْ مملكةُ الرومان بسبب تلك الحروب، وشملتْ مملكة اليونان وغيرها من شمال إفريقية ومصر وبلاد الشام وآسية الصغرى، ووصلتْ إلى أرمينية والعراق، وبذلك دخلت بلاد اليونان تحت حكم الرومان.

ومن أشهر المدن الواقعة على البسفور مدينة (بيزنطة)، وكان سكانها أهل تجارة عظيمة، واستولى عليها الرومان عندما احتلوا المنطقة.

وفي حدود سنة (322) قبل الميلاد حكم الرومان الإمبراطور (قسطنطين) فأعجب بموقع بيزنطة، وبنى مدينة كبيرة، سمّاها باسمه (القسطنطينية)، وجعلها عاصمة له.

وبعد وفاته سنة (337) قبل الميلاد قُسِّمَت البلاد الرومانية إلى قسمين: مملكة الروم في القسم الشرقي من الإمبراطورية، وعاصمتها القسطنطينية، ومملكة الرومان في القسم الغربيِّ من الإمبراطورية، وعاصمتها روما...».

واستوى الروم على بلاد الشام ومصر، من القرن الرابع قبل الميلاد، واستمرّوا يستعمرونها حتى الفتح الإسلاميِّ في القرن السابع الميلادي.

ووقعتْ حروبٌ عنيفة بين الروم وبين الفرس، وكانت الحربُ سجالاً بينهما.

وفي بداية الدعوة الإسلامية انتصر الفرس على الروم؛ ففرح مشركو قريش، لأنّ الفرسَ ليسوا أهل كتاب مثلهم، وحزن المسلمون لأنَّ الروم أهل كتاب، فأنزل اللهُ مطلع سورة الروم، يُخبرُ فيها بانتصار الفرس على الروم، ويَعِدُ بانتصار الروم على الفرس في بضع سنين. وقد تحقق هذا الوعد، في بضع سنين، كما حدَّدت الآية، وانتصر الروم بقيادة (هرقل) على الفرس، في السنة الثانية من الهجرة، وبذلك فرح المؤمنون بنصرِ الله.

 

  • أهم المصادر والمراجع:

-          معجم الأدوات النحوية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.

-          تفسير ابن كثير: الإمام ابن كثير.

-          معجم لسان العرب: الإمام ابن منظور.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم