قال تعالى : ( أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم
كانوا من آياتنا عجباً ) الكهف : 9 .
لم يكن أحد أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف شيئاًَ عن أهل الكتاب
، أي لم يكن يوجد أي دليل مادي على صحة ما جاء في القرآن الكريم عن قصة الكهف إلى
أن انقضى تسعة عشر قرناً على خبرهم ، و مرور أربعة عشر قرناً على ما جاء في القرآن
الكريم بشأنهم و جاء عصرنا هذا فأكتشف عالم الآثار الأردني السيد ( رفيق وفا الدجاني ) عام 1963 عند منطقة الرحيب
بالأردن ، مغارة الكهف التي اتخذها أصحاب الكهف مرقداً لهم حين دخلوها هاربين
بأنفسهم، و فارين بدينهم و إيمانهم بالله عز و جل من طغيان الملك (ديقيانوس ) ، و
ظهر في الكهف ثمانية قبور ، و هو العدد الذي ذكره القرآن الكريم و بقرب باب الكهف
وجدت جمجمة كلب ( الفك العلوي فقط ) و كان حارسهم .
و عدد أصحاب الكهف سبعة منهم الراعي ، و ثامنهم كلبهم ، و قد دفن الكلب
على عتبة الباب حيث كان يحرس ، و لم يدفن في القبر الثامن .
يقول تعالى عن هذه القصة ، بأسلوب القرآن المعجز [
سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم و يقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب و يقولون
سبعة و ثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تماري فيهم إلا
مراء ظاهراً و لا تستفتي منهم أحداً] سورة الكهف .
و قد درست فجوات الكهف و خاصة موضع دخول الشمس إليه فتبين أن فتحة الكهف
الجنوبية كان اتجاهها جنوب عربي ، فإذا وقف شخص داخل الكهف في وقت الأصيل تزاورت
الشمس عن الكهف ذات اليمين ، و مرت أشعة الشمس بقوتها أمام الشخص الواقف تكشف
المرائي و الآفاق .
و حين تتوسط الشمس السماء لا يدخل الكهف منها شيء ، و إذا مالت نحو الغروب
دخل قسم من أشعتها فجوة الكهف .
فما وصف به المكتشف الكهف هو الوصف الدقيق الذي جاء فيه القرآن الكريم ،
إذ يقول تعالى :
[ و ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين و ذات
الشمال و هم في فجوة منه ذلك من آيات الله من يهد الله فهو المهتد و من يضلل فلن
تجد له وليلاً مرشدا]
و بتفسير أوضح إن الشمس تبعد أشعتها عند بزوغها و تميل عنه في غروبها ،
بسبب اتجاه فجوة الكهف إلى الجنوب الغرب و قد وجد على جدران الكهف كتابات بلغات
قديمة مختلفة تشير إلى وحدانية الله عز و جل ... و السؤال الآن ، كيف عرف محمد صلى
الله عليه و سلم تفاصيل قصة الكهف قبل خمسة قرون من مولده ومن نزول القرآن
الكريم .
قال تعالى : ( و تحسبهم أيقاظاً وهم رقود و
نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال و كلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو أطلعت عليهم لوليت
منهم فراراً و لملئت منهم رعباً ) سورة الكهف .
إن هذه الآية هي ومعجزة طبية للقرآن الكريم إذ من المعلوم أن المصابين
بفالج شقي أو نصفي ، يجدون صعوبة كبيرة في التقلب أو الاضطجاع على اليمين أو على
اليسار ، وقد لا يستطيعون القيام بهذه الحركة أبداً . وإن ضغط ثقل الجسم الدائم
على ناحية واحدة ( كالناصية القطنية مثلاً و جانب الحوض قرب الحدبة الفخذية
الكبيرة ) يسبب تقرحها ، فينفتح جرح كبير فينتفخ جرح كبير يصعب معالجته أو
شفاؤه و يسمى فشكربشة و للوقاية من هذا الاختلاط الخطير أحياناً على الحياة ، يوصي
الأطباء و أهل المريض المصاب بفالج بأن يقلبوه على اليمين ثم على اليسار مرة كل
ساعتين و ذلك ليلاً و نهاراً علماُ بأن الوقاية و المعالجة من هذه التقرحات لم
تعرف إلا منذ مئة و خمسين عاماً تقريباً .
* المصدر :
مجلة العربي 367 حزيران 1989م .