قال تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة و الدم ولحم الخنزير و ما أهل به
لغير الله فمن اضطر غير باغ و لا عاد فلا إثم عليه ). [البقرة /173]
و قال تعالى : ( حرمت عليكم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل لغير
الله به و المنخنقة و الموقوذة و المتردية و النطيحة و ما أكل السبع ، إلا ما
ذكيتم ما ذبح على النصب ...). [المائدة /2].
الميتة لغة هي ما فارقته الحياة . و في الاصطلاح الشرعي هي ما
فارقته الحياة من غير ذكاة مما يذبح ، و ما ليس بمأكول فزكاته كموته كالسبع و
نحوها .
و المنخنقة : هي التي تموت خنقاً ، و هو حبس النفس ، سواء فعل بها
ذلك آدمي أو اتفق لها بحبل أو بين عودين و نحو ذلك .
و الموقوذة : التي ترمى أو تضرب بحجر أو عصا حتى تموت من غير
تذكية.
و المتردية : هي التي تتردى من العلو إلى الأسفل فتموت، كان ذلك من
جبل او بئر و نحو .
و النطيحة : هي الشاة التي تنطحها أخرى أو غير ذلك فتموت قبل أن تذكى .
و ما أكل السبع : يريد كل ما افترسه ذو ناب و أظفار من الحيوان كالأسد و
النمر و الضبع , الذئب .
إلى ما ذكيتم : نصب على الاستثناء المتصل عند الجمهور ن و هو راجع
على كل ما أدرك ذكاته من المذكورات و فيه حياة .
* حكمة التحريم:
تنفذ الجراثيم إلى الميتة من الأمعاء و الجلد والفتحات الطبيعية لكن
الأمعاء هي المنفذ الأكثر مفعمة بالجراثيم ، لكنها أثناء الحياة تكون عرضة للبلعمة
و لفعل الخمائر التي تحلها . أما بعد موت الحيوان فإنها تنمو و تحل خمائرها الأنسجة
و تدخل جدر المعي و منها تنفذ إلى الأوعية الدموية و اللمفاوية .. أما الفم و
الأنف و العينين و الشرج فتصل إليها الجراثيم عن طريق الهواء أو الحشرات و
التي تضع بويضاتها عليها . أما الجلد فلا تدخل الجراثيم عبره إلا إذا كان
متهتكاً كما في المتردية و النطيحة و ما شابهها .
و إن احتباس دم الميتة ، كما ينقص من طيب اللحم و يفسد مذاقه فإنه يساعد
على انتشار الجراثيم و تكاثرها فيه .
و كلما طالت المدة بعد هلاك الحيوان كان التعرض للضرر أشد عند أكل الميتة
لأن تبدل لحمها و فسادها و تفسخه يكون أعظم ، إذ إنه بعد 3ـ4 ساعات من الموت يحدث
ما يسمى بالمصل الجيفي ( التيبس الرمي ) حيث تتصلب العضلات لتكون أحماض فيها
كحمض الفسفور
و اللبن و الفورميك ثم تعود القلوية للعضلات فيزول التيبس و ذلك بتأثير
التعفنات الناتجة عن التكاثر الجرثومي العفني التي تغزو الجثة بكاملها .
هذا و ينشأ عن تفسخ و تحلل جثمان الميتة مركبات سامة ذات روائح كريهة ن
كما أن الغازات الناتجة عن التفسخ تؤدي إلى انتفاخ الجثة خلال بضع ساعات ، و هي
أسرع في الحيوانات آكلة العشب من إبل و ضأن و بقر و غيرها كما تعطي بعض الجراثيم
أثناء تكاثرها مواد ملونة تعطي اللحم منظراً غير طبيعي و لوناً إلى الأخضر أو
السواد و قوامه ألين من اللحم العادي .
الميتة بمرض : قد تصاب البهائم بمرض جرثومي يمنع تناول لحمها ولو
كانت مذكاة تكون الحرمة أشد فيما لو مات الحيوان بذلك المرض لانتشار الجراثيم في
جثته عن طريق الدم المحتبس و تكاثرها بشدة و زيادة مفرزاتها السمية و أهم هذه
الأمراض :
السل : كثير التصادف في البقر ثم الدواجن من الطيور و قليل في الضأن
و توصي كتب الطب بإحراق جثة الحيوان المصاب بالسل الرئوي و سل الباريتوان و كذا إذ
وجدت الجراثيم في عشلات الحيوان أو عقده اللمفاوية .
الجمرة الخبيثة : الحيوان الذي يصاب بالجمرة يجب أن لا يمس ن و أن يحرق
و يدفن حتى لا تنتشر جراثيمه و تنتقل العدوى إلى الحيوان و إلى البشر .
الميتة هرماً : كلما كبر سن الحيوان تصلبت و تليفت و أصبحت عسرة الهضم ،
علاوة على احتباس الدم في الجثة الميتة مما يجعل لحمها أسرع تفسخاً .
الميتة إختناقاَ: الأختناق انعصار الحلق بما يسد مسالك الهواء . و من
علامات احتقان الملتحمة في عين الدابة ووجود نزوف تحتها وجحوظ العينين و زرقة
الشفتين .، و يؤكد علم الحة عدم صلاحية المنخنقة للأكل لفساد لحمها و تغير شكله إذ
يصبح لونه أحمر قاتما ً .
الميتة دهساً أو رضاً : و هي انواع أشار إليها القرآن
الكريم بقوله : ( و الموقوذة و المتردية و النطيحة )
أما ما أكل البع ، فقد يميتها رضاً أو خنقاً و كما ينجس الدم في جثتها ، علاوة على
أن الرضوض تجعل الدم ينتشر تحت و داخل اللحم و الأنسجة المرضوضة ، لذا يسود لون
اللحم و يصبح لزجاً كريه الرائحة غير صالح للأكل . و يزيد الطين بلة انتشار
الجراثيم من خلال السحجات و الأنسجة المتهالكة ن فتنتشر بسرعة خلال اللحم المرضوض
و تتكاثر فيه بسرعة و تعجل تحلله و فساده .
* المصدر:
- روائع الطب الإسلامي: د. محمد نزار الدقر.