إِلْيَسَع: اسمُ علمٍ أعجمي، ممنوعٌ من الصرف، وهو اسمٌ لنبيٍّ كريم، بعثه
اللهُ إلى بني إسرائيل، على ما هو الراجح.
ولم يتحدث القرآن عن قصته شيئاً، ولم يَرِدْ حديثٌ عنه في حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فكلُّ ما يتعلَّقُ به من مبهمات القرآن، تحديد زمانه ومكانُ
إقامته، وتفصيلُ ما جرى بينَه وبين قومه.
وورد ذكره في القرآن مرتين، في سياق مجموعةٍ من الأنبياء والمرسلين.
قال تعالى: ﴿وَإِسْمَاعِيلَ
وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا﴾ [الأنعام: 86].
وقال تعالى: ﴿وَاْذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ
وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ﴾ [ص: 48].
وفي (الْيَسَع) في السورتين قراءتان:
الأولى: قراءة حمزة، والكسائي،
وخلف: «وَالْلَّيْسَع»، بـ (أل التعريف) و(لَيْسَع) بعدها. على أنّه اسمٌ أعجميّ
(لَيْسَع) أُدخلت عليه (أَل التعريف) فصار (الْلَّيْسَع). وقد تدخلُ (أل التعريف)
على بعض الأسماء الأعجمية، مثل: يحيى، فيقال: اليحيى.
ويبقى (الْلَّيْسَع) - على هذه
القراءة العشرية- ممنوعاً من الصرف للعلمية والعُجمة.
الثانية: قراءةُ السبعة الآخرين - عاصم، ونافع، وابن كثير، وابن عامر،
وأبي عمرو، وأبي جعفر، ويعقوب- : «والْيَسَع» بلامٍساكنة وياءٍ مفتوحة، ومن دون (أل التعريف) .
على أنه اسمُ العلمِ الأعجمي، الممنوعُ من الصرف.
ورد في تفسير القرطبي عن (الْيَسَع) والقراءتين في النطق به: «قال النحاس:
والحقُّ في هذا أنّه اسمٌ أَعجمي، والعُجمةُ لا تؤخَذُ بالقياس، إنما تؤخَذُ
سماعاً، والعرب تُغيِّرُها كثيراً، فلا يُنْكَرُ أَنْ يأَتيَ الاسمُ بلغتين.
قال مكّي: مَنْ قرأَ بلامَيْن فأَصْلُ الاسم (لَيْسَع)، ثم دخلت (أل
التعريف) عليه، فصار: (الْلَّيْسَع). ولو كان أصلُه: (يَسَع) ما دخلَتْه الأَلفُ
واللام.
والقراءةُُ بلامٍ واحدةٍ: (والْيَسَع) أَحَبُّ إليَّ، لأنَّ أكثر القرّاءِ
عليه.
و(الْيَسَع) اسمٌ لنبيٍّ معروف، مثل: إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام،
ولكنّه خرج عما عليه الأسماءُ الأعجمية بإدخال الألف واللام.
وتوهَّمَ قومٌ أنَّ (الْيَسَع) هو (إلياس)، وليس كذلك، لأنَّ اللهَ تعالى
أَفردَ كلَّ واحدٍ بالذكر.
وقال وهب: «الْيَسَع: هو صاحبُ إِلْياس، وكانا قبل زكريا ويحيى وعيسى،
وقيل: إلْيسع هو إدريس، وهذا غير صحيح...».
(الْيَسَع) في سورتي الأنعام وص منصوبٌ بالفتحة لأنّه ممنوعٌ من الصرف،
للعلمية والعُجْمة، وهو نبيٌّ كريم أرسله اللهُ إل بني إسرائيل، وهو ليس إدريس ولا
إلياس ولا ذا الكفل، وإنما هو نبيٌّ مستقل، لأنَّ القرآنَ ذكر اسْمَه مستقلاًّ،
بالإضافة إلى ذكر أولئك الأنبياء الآخرين.
ونعترفُ أننا لا نعرفُ عن (الْيَسَع) عليه السلام أكثر من اسْمِه، لأنَّ
القرآنَ اكتفى بذلك، وأَبْهمَ كلَّ ما يتعلَّق بحياته، ونحنُ نسكتُ على ما سكتَ
عنه القرآن، فلا نخوضُ فيه.
***
* أهم المصادر والمراجع:
- الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.
- الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.
- حجة القراءات: ابن زنجلة.
- المعجم المحيط.
- معجم لسان العرب: ابن منظور.