سيناء: اسم علم أعجمي، ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.
وذهب بعض العلماء إلى أنها كلمة عربية مشتقة من (سين). والسين الشيء الحسن
على رأي هؤلاء.
و(سيناء) عند هؤلاء ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث، لأنها كلمة عربية
وليس للعلمية والعجمة.
ولكنَّ الراجح أنها كلمة أعجمية، وأنَّ منعها من الصرف للعلمية والعجمة،
ولا نبحث لها عن معنى في العربية.
وقد وردت كلمة (سَيْناء) مرة واحدة في القرآن. قال تعالى: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ
وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ﴾ [المؤمنون: 20].
والمراد بالشجرة في الآية شجرة الزيتون، وذكرت أنَّ شجرة الزيتون تخرج من
طور سيناء، وأنها يخرج منها الزيت المبارك، يصلح وقوداً للسراج، ودُهناً للشعر،
وصِبغاً للآكلين، يصبغ أحدهم لقمته ويغمسها فيه عندما يريد الأكل.
وفي كلمة (سيناء) قراءتان عشريتان:
الأولى: قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر: (سِيناءَ) بكسر السين.
الثانية: قراءة عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر ويعقوب وخلف: (سَيْناءَ)
بفتح السين وسكون الياء.
وهما لغتان في هذه الكلمة، ووافقت كل قراءةٍ لغةً منهما.
ووردت في القرآن كلمةٌ أخرى بمعنى (سيناء) وهي (سينين). قال تعالى:
﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ1/وَطُورِ
سِينِينَ2/وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ [التين: 1-3].
والدليل على أن (سيناء) و(سينين) بمعنى واحد، إضافتهما إلى (طور) حيث قال:
﴿طُورِ سَيْنَاء﴾، وقال: ﴿وَطُورِ سِينِينَ﴾.
وذكر السمين الحلبي في تفسيره (الدر
المصون) الاختلاف في (سيناء) بين العربية والأعجمية:
قال: (على القراءة بكسر السين (سِيْناء) الهمزة
فيها ليست للتأنيث، إذ ليس في كلام العرب كلمة على وزن (فِعْلاء) وهمزتها للتأنيث،
فهمزتها للإلحاق.
وقال بعضهم: الصحيح أنَّ (سَيْناء) اسم أعجمي نطقت به العرب، فاختلفت فيه
لغاتها، فقالوا: (سَيْناء) بفتح السين كحَمْراء وصَفْراء. وقالوا: (سِيْناء) بكسر
السين، كعِلْياء وحِرباء. وقالوا: (سينين)، كزِحْليل.
وقد وهم بعضهم فجعل (سَيْناء) مشتقة من (السَّنا)، وهو الضوء، ولا يصح هذا
القول).
والراجح أنَّ (سَيْناء) كلمة أعجمية، وأنَّ (سينين) كلمة أعجمية أيضاً.
و(سَيْناء) في الآية: ﴿تَخْرُجُ مِن
طُورِ سَيْنَاء﴾
مضافٌ إليه مجرور بالفتحة بدل الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.
و(سينين) في: ﴿وَطُورِ
سِينِينَ﴾ مضاف إليه أيضاً مجرور بالفتحة لمنعه من الصرف للسببين نفسيهما.
قال ابن عاشور عن (طورِ سيناءَ):
(طورُ سيناءَ: جبلٌ في صحراء سيناء، الواقعة بين عَقَبَةِ أَيْلَةِ وبين مصر، وهي
من بلاد فلسطين في القديم، وفيه ناجى موسى عليه السلام ربه.
وغلب عليه اسم الطور، و: طورِ سيناء،
و: طورِ سينين.
ومعنى الطور: الجبل. وسَيْناء: قيل:
اسمُ شجرٍ يكثر هناك. وقيل: اسم حجارة. وقيل: اسم لذلك المكان. وقيل: هو اسم
نبطي...).
وقال ابن عاشور عن (طور سينين):
«(طور سينين) هو الجبل المعروف بطور سيناء، والطور هو الجبل بلغة النَّبط، وهم
الكنعانيون. وعُرف هذا الجبل بطور سينين لوقوعه في صحراء (سينين) وهي لغةٌ في
(سين)، وهي صحراء بين مصر وفلسطين.
وجاء تعريب (سين) في اللغة العربية
على صفة تشبه صيغة جمع المذكر السالم، فقيل: (سِينين) مثل: صِفّين ويَبْرين».
والخلاصة: أنَّ (سيناء) و(سينين)
كلمتان أطلقتا على المكان نفسه، وهما أعجميتان ممنوعتان من الصرف للعلمية والعجمة
على الراجح.
و(سيناء): أُطلقت على المنطقة
الواقعة بين فلسطين ومصر، وكانت سابقاً جزءاً من فلسطين، وهي الآن جزء من مصر،
وورد اسمها في (سَفْرِ الخروج) من العهد القديم (سين)، أو: بَرِّيَّةُ سين. و(سين)
كلمة أعجمية أساساً أُطلقت على تلك المنطقة.
ولما استخدم العري كلمة (سين)
الأعجمية تصرّفوا فيها، فأضافوا لها الألف والهمزة المتطرفة، وقالوا: (سيناء) –
بكسر السين وفتحها-، وأضافوا لها الياء والنون فقالوا: (سينين). ونزل القرآن
باللفظتين، فقال في سورة المؤمنون: ﴿طُورِ سَيْنَاء﴾، وقال في سورة التين: ﴿وَطُورِ
سِينِينَ﴾.
ولما خرج موسى عليه السلام ببني
إسرائيل من مصر، أقاموا في (سَيْناء) فترةً من الزمن، وجَرَتْ لهم أحداثٌ كثيرةٌ
فيها، أشار القرآن إلى بعضها، مثل: تظليلهم بالغمام، وإكرامهم بالمنِّ والسلوى،
وإخراج اثنتي عشرة عين ماء من الحجر. وناجى موسى عليه السلام ربه على طور سيناء،
ورفع الله الجبل نفسه فوق بني إسرائيل لمَا تثاقلوا عن إعطاء العهد.
وبعد جُبْنِ بني إسرائيل عن دخول
الأرض المقدسة مجاهدين، كتبَ الله عليهم التِّيْهَ في سَيْناء أربعين سنة، ثم
أخرجهم منها موسى عليه السلام بعد ذلك في طريقهم إلى الأرض المقدسة!.
* * *
* أهم المصادر والمراجع:
- معجم الأدوات: راجي الأسمر.
- وانظر: لسان العرب: الإمام ابن منظور.
- وانظر: الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.
- وانظر: معجم حروف المعاني: محمد حسن الشريف.
- وانظر: جواهر الأدب: أحمد الهاشمي.
- وانظر: معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم: إسماعيل عمايرة
وعبدالحميد السيد