زكريا:
اسمُ علم أعجميٌّ، ممنوع من الصرف للعلمية والعُجمية.
وهو
اسمٌ لنبيٍّ كريم من أنبياء بني إسرائيل، عليهم الصلاة والسلام. وورد اسمه سبع
مرات في القرآن: ثلاث مراتٍ في سورة آل عمران، ومرتين في سورة التحريم، ومرةً في
سورةِ الأنعام، ومرةً في سورة الأنبياء.
وفي
(زكريّا) لغتان: زكريّا، بالقصر. و:زكريّاء، بالمد.
ولذلك
في الكلمة قراءتان عشريتان:
الأولى:
قراءة حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص عن عاصم: (زكريّا) بالألف بعد الياء المشدّدة.
الثانية:
قراءة نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبي عمرو، وأبي جعفر، ويعقوب، وشعبة عن عاصم:
(زكريّاء) بالهمزة بعد الألف.
وهما
لغتان في الكلمة، وإنْ كانت (زكريا) من دون همزةٍ أشبه بموافقة أسماء باقي
الأنبياء كموسى وعيسى ويحيى عليهم السلام، إذ ليس في آخر أسمائهم همزة.
وهو
من آخر أنبياء بني إسرائيل، وكان متزوجاً بأخت مريم ابنة عمران رضي الله عنها،
وعاش مع امرأته مدةً طويلة، وكانت عاقراً لا تحمل، ولما كانت امرأة عمران حاملاً،
نذرت ما في بطنها محرّراً لله، ولما وضعت حملها إذا هي أنثى، فسمَّتها مريم، وسألت
الله أن يحفظها، فاستجاب اللهُ دعاء المرأة الصالحة، حيث كفَّل مريم رسوله زكريا
عليه السلام، وهو زوج أختها، فعاشت في رعاية أختها، ونشأت في بيت زكريا نشأةً
إيمانيةً صالحة.
ولما
كبرت مريم وهي في كفالة زكريا عليه السلام، رزقها الله بابنها عيسى عليه السلام
آيةً من آياته. عند ذلك دعا زكريا عليه السلام ربَّه، وطلب منه أنْ يرزقه بغلام
زكي، وهو يوقن أنَّ الله قادرٌ على فعل ذلك، فالذي جعل الفتاة العذراء تحمل بغلام
بأمره سبحانه، قادرٌ على إزالة عقم امرأته، وجعلها تلد غلاماً.
فأنزل
الله له مَلَكاً يحمل له البشرى، بأنَّ الله سيرزقه بغلام اسمه يحيى.
فوجئ
زكريا عليه السلام بالبشرى، فسأل الملك قائلاً: ﴿
أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ
الْكِبَرِ عِتِيًّا﴾ [مريم:8].
أجابه
الملك بأنَّ هذه إرادة الله، والله على كلِّ شيءٍ قدير، وليس عليه شيءٌ مستحيل.
قال تعالى: ﴿قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ
عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ [مريم:9].
عند
ذلك طلب زكريا عليه السلام آيةً معجزةً يقدمها لقومه، فجعل الله له آية في ذات
نفسه.. لقد أمسك الله لسانه عن الكلام عندما يواجه الناس، بينما ينطلق لسانه
بالكلام إذا كان وحده وذلك لمدة ثلاثة أيام.
وخرج
زكريا عليه السلام على قومه من المحراب، وفوجئوا به يتعامل معهم بالإشارة، حيث
أشار لهم بيديه، أنْ يسبِّحوا الله في الصباح والمساء، وسألوه عن سرِّ عدم نطقه
فلم يجبهم، لعجزه عن الحديث معهم. وبعد انقضاء الأيام الثلاثة كلَّم زكريا عليه
السلام قومه، وأخبرهم أنَّ الله هو الذي أمسك لسانه – فكان صمته أمامهم لا
إرادياً- ثم أخبرهم أن الله جعل ذلك آيةً له، لأنه سيهبه بعد ذلك غلاماً!.
إنَّ
الله الذي أمسك لسان زكريا عليه السلام عن الكلام عند مخاطبة الناس، هو الذي سيصلح
له زوجه ويزيل ما بها من عقم، ويجعلها قادرة على الإنجاب، حيث أنجبت ابنه يحيى
عليه السلام.
لقد
أجرى الله لامرأة زكريا آيةً؛ حيث أزال عقمها بعدما بلغت سن اليأس، وأنجبت يحيى
عليه السلام، بينما أجرى لأختها مريم آيةً أوضح وأعجب، حيث جعلها تنجب عيسى وهي
الفتاة العذراء البتول، وكلتاهما آية!.
ولم
يفصَّل القرآنُ الحديثَ عن قصة زكريا عليه السلام ودعوته، وما جرى بينه وبين قومه
من بني إسرائيل، وكيف كانت وفاته، وهذا من مبهمات القرآن التي لا نحاول بيانها من
الإسرائيليات!.
وقد
ذكر الإخباريون أن اليهود قتلوا زكريا عليه السلام، وأن الشيطان هو الذي دلَّهم
عليه عندما هرب منهم واختفى داخل شجرة، فقطعوا الشجرة وقطعوه معها! وهذا الخبر لم
يردْ عن رسول الله r،
فنتوقَّف فيه ولا نقول به!.
* * *
* أهم المصادر والمراجع:
- الأعلام
الأعجمية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.
- الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.
- حجة
القراءات: ابن زنجلة.
- معجم لسان العرب: ابن منظور.