كـ«إلى» لكن يفترقان في أنّ ما بعد «حتى» يدخل في حكم ما قبلها قطعاً،
كقولك:«قام القوم حتى زيد»؛ فـ«زيد» ها هنا دخل في القيام، ولا يلزم ذلك في «قام
القوم إلى زيد»، وبهذا قال سيبويه: إنّ «حتى» تجري مجرى «الواو» و«ثم» في التشريك.
ومن الدّليل على دخول ما بعدها فيما قبلها قوله صلى الله عليه وسلم: «كل
شيء بقضاءٍ وقَدَرٍ حتى العجز والكيس». وقوله: «رأيت كل شيء حتى الجنّة والنار».
وقول الكواشيّ في تفسيره: الفرق بينهما أنّ «حتى» تختصّ بالغاية المضروبة،
ومن ثمّ جاز: «أكلت السمكة حتى رأسها»، وامتنع «حتى نصفها» أو «ثلثها»، و«إلى»
عامّة في كل غاية. انتهى.
ثم الغاية تجيء عاطفة؛ وهي للغاية كيف وقعت؛ إمّا في الشرف، كـ«جاء» القوم
حتى رئيسهم»، نحو: استنّت الفصال حتى القرْعى».
أو تكون جملة من القول على حال هو آخر الأحوال المفروضة أو المتوهّمة،
بحسب ذلك الشأن؛ إمّا في الشدّة، نحو: ﴿وَزُلْزِلُواْ
حَتَّى يَقُولَ﴾
[البقرة:214]. إذا أريد حكاية الحال؛ ولولا ذلك، لم تعطف الجملة الحالية على
الجملة الماضية.فإن أريد الاستقبال، لزم النصب.
وإمّا في الرّخاء، نحو: «شربت الإبل حتى يجيء البعير يجرّ بطنه»، على
الحكاية.
ولانتهاء الغاية، نحو: ﴿حَتَّى مَطْلَعِ
الْفَجْرِ﴾
[القدير:5]، ﴿حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ
أَجَلَهُ﴾
[البقرة: 235].
والتعليل، وعلامتها أن تحسن في موضعها «كي»، تحو: «حتى تغيظ ذا الحسد»؛
ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ﴾ [محمد: 31].
ويحتمها: ﴿حَتَّى تَفِي﴾ [الحجرات: 9].
وقوله: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ
يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ﴾ [البقرة: 217].
﴿هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا
تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا﴾ [محمد: 31].
قيل: وللاستثناء، كقوله تعالى: ﴿وَمَا
يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ﴾ [البقرة: 102]؛ والظاهر
أنّها للغاية.
وحرف ابتداء؛ أي تبتدأ به الجملة الاسمية أو الفعلية، كقوله تعالى:
﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ﴾ [البقرة: 214]
في قراءة نافع.
وكذا الداخلة على «إذا»، في نحو: ﴿حَتَّى
إِذَا فَشِلْتُمْ﴾ [آل عمران: 152] ونظائره، والجواب محذوف.
* أهم المصادر والمراجع:
- معجم الأدوات النحوية في القرآن: راجي الأسمر.
- الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.
- حجة القراءات: ابن زنجلة.
- معجم لسان العرب: ابن منظور.