جالوت: اسم علمٍ أعجمي ممنوع من الصرف للعلمية والعُجمية.
وقد ورد ثلاثة مراتٍ في القرآن، كلها في قصّة (طالوت) في سورة البقرة:
1- قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ
وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ
وَجُنودِهِ﴾
[البقرة: 249].
(جالوت) في الآية مجروٌ بالباء وعلامة جرِّه الفتحة لأنّه ممنوعٌ من
الصرف.
2- قال تعالى: ﴿وَلَمَّا بَرَزُواْ
لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا﴾ [البقر: 250].
(جالوت) في الآية مجرورٌ باللام وعلامة جره الفتحةُ بدل الكسرة.
3- قال تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ
اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ﴾ [البقرة:251].
(جالوت) في الآية مفعولٌ به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
وذهب بعضهم إلى أنَّ (جالوت) علمٌ عربيٌّ مشتقٌّ من (الجَوَلان)، تقول:
جالَ يَجولُ، جَوْلاً وجَوَلاناَ، والواو والتاء فيه للمبالغة!.
وقد ذكر السمينُ الحلبيُّ القولَيْن فيه، ورجَّحَ أعجميته. قال: «في
(جالوت) قولان: أظهرهما أنَّه أعجميٌّ لا اشتقاق له، فلذلك مُنع من الصرف للعلمية
والعجمية. وهو اسم ملكٍ جبّار، وقصتُه مشهورةٌ مع داود عليه السلام.
والثاني: أنَّه مشتقٌّ من (جال)، ووزنه (فَعَلوت)، مثل: رَهبوت. والأصل
(جَوَلوت)، فقُلبت الواو ألفاً. وهذا ليس بشيء..».
والزَّعمُ أنَّ (جالوت) عربيٌّ مشتقٌّ من الجَوَلان ليس بشيء، كما قال
الإمام السمينُ الحلبي، والراجح أنه اسم علمٍ أعجمي، لأنه في الآيات الثلاث ممنوعٌ
من الصرف.
و(جالوتُ) زعيم القومِ المُعادين، المُحاربين لبني إسرائيل، كما ذكرت ذلك
قصة طالوت في الآيات: 246 – 251 من سورة البقرة.
فبعد إقامة بني إسرائيل في الأرض المقدسة، تمرَّدُوا على رسلهم، وعصوا
الله فأضعفهم الله وسلَّط عليهم أعدائهم الذين حاربوهم وأذلُّوهم وهزموهم، وأخذوا
منهم التابوت.
وبعد ذلك اختار الله لبني إسرائيل طالوت ملكاً فقادهم لقتال أعدائهم الذين
كانوا بقيادة (جالوت)، وساروا مع طالوت مُرغمين مُكرهين.
ومرَّ جيشُ طالوت بنهر، ونهاهم طالوتُ عن الشرب منه، وأباح لكلٍّ منهم
شربةً يغرفها بيده، ولكنهم خالفوا أمره وشربوا حتى ارتووا، ففصلهم طالوتُ من الجيش
ولم يلتزم بأمره إلا أفرادٌ قلائل، فسار بهم لحرب جالوت وجنوده..
ولما رأوا كثرة جيش جالوت خافوا وفزعوا، وقالوا لطالوت: لا طاقة لنا
بجالوت وجنوده ولا قدرة لنا على قتالهم.
فشجَّعهم مقاتلون شجعان في الجيش، وقالوا لهم: كم من فئةٍ قليلةٍ غلبتْ
فئةً كثيرةً بإذن الله والله مع الصابرين.
ونشبت المعركة بين جيش طالوتَ المؤمن وجيش جالوتَ الكافر، ولجأ الجنودُ
المؤمنون إلى ربِّهم، وقالوا: ربَّنا أفرغ علينا صبراً وثبِّتْ أقدامنا وانصرنا
على القوم الكافرين.
وكتبَ الله لجنوده القلائل النصر على أعدائهم الكثيرين، وهزم جيشُ طالوت
المؤمن جيش جالوت الكافر، وبرز فتى من وسط الجنود المؤمنين – هو داود – وهجم على
قائد الكفار جالوت فقتله: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ
اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ﴾.
هذا ما ذكره القرآن عن (جالوت)، ولم يُفصِّلْ في الحديث عنه ولم يحدِّد
اسم القوم الذين كان قائداً لهم، ولا زمان ومكان واسم المعركة الفاصلة التي هًزم
جيشه فيها وقُتل فيها على يد داود.
وقد تحدَّثت أسفار العهد القديم بالتفصيل عن تلك المعركة، وذكروا فيها
أساطير وخرافاتٍ ورواياتٍ باطلة حول مقلاع داود وحجره، وتفاصيل قتله لجالوت. ونحن
على منهجنا في رفض إسرائيليات، وعدم ذكرها في دراساتنا لآيات القرآن ولله الحمد.
وفي أرض فلسطين قريةٌ تُسمى (عين جالوت)، بين طبرية وبيسان، وقد وقعت فيها
معركةٌ فاصلةٌ بين المسلمين بقيادة قطز والظاهر بيبس، وبين التتار، هزم الله فيها
التتار، وكانت نهايتهم بعدها، ولا ندري الصلة بين هذه القرية وبين جالوت المذكور
في القرآن، وهل كان مقيماً في تلك المنطقة من فلسطين أم لا؟!!.
* * *
* المصدر:
- الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.