لقصْر الصّفة على الموصوف، أو الموصوف على الصّفة، وهي للحصر عند جماعة، كالنفي والاستثناء.
وفرّق البيانون بينهما، فقالوا: الأصل أن يكون ما يستعمل له «إنّما» ممّا يعلمه المخاطب ولا ينكره؛ كقولك: إنّما هو أخوك، وإنما هو صاحبك القديم؛ لمن يعلم ذلك ويقرّ به. وما يستعمل له النفي والاستثناء، على العكس، فأصله أن يكون مما يجهله المخاطب وينكره، نحو: ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ﴾ [آل عمران:62].
ثم إنّه قد ينزل منزلة المجهول لاعتبار مناسب، فيستعمل له النفي والاستثناء، نحو: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ﴾ [آل عمران:144]، ونحو: ﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا﴾ [إبراهيم:10]، والرسل ما كانوا على دفع البشرية عن أنفسهم وادّعاء الملائكية؛ لكن الكفار كنوا يعتقدون أنّ الله لا يرسل إلا الملائكة، وجعلوا أنّهم بادّعائهم النبوّة ينفون عن أنفسهم البشرية، فأخرج الكلام مخرج ما يعتقدون، وأخرج الجواب أيضاً مخرج ما قالوا، حكايةً لقولهم، كما يحكي المجادل كلام خصْمه، ثم يكرّ عليه بالإبطال، كأنّه قيل: الأمر كما زعمتم أنّنا بشر، ولكن ليس المر كما زعمتم من اختصاص الملائكة بالرسالة، فإنّ الله يبعث من الملائكة رسلاً ومن الناس.
وقد ينزّل المجهول منزلة المعلوم لادّعاء المتكلّم ظهوره، فيستعمل له «إنما»، كقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [البقرة:11].فإنّ كونهم مصلحين منتفٍ فهو مجهول، بمعنى انه لم يعلم بينهم صلاح، فقد نسبوا الإصلاح إلى أنفسهم، وادّعوا أنّهم كذلك ظاهر جليّ، ولذلك جاء الردّ عليهم مؤكّداً من وجوه.
* * *
* أهم المصادر والمراجع:
- معجم الأدوات: راجي الأسمر.
- وانظر: لسان العرب: الإمام ابن منظور.
- وانظر: الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.
- وانظر: معجم حروف المعاني: محمد حسن الشريف.
- وانظر: جواهر الأدب: أحمد الهاشمي.
- وانظر: معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم: إسماعيل عمايرة وعبدالحميد السيد